responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 233
عليها في النشأة الاخرى ويعلمون حينئذ اىّ منقلب ينقلبون
وَمن غاية جهلهم ونفاقهم ونهاية قسوتهم وشقاقهم إِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ هادية لهم الى سبيل الرشد قالُوا من شدة بغضهم وعنادهم لَنْ نُؤْمِنَ بها ولن نصدقها ابدا حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ إذ نحن وهم سواء في البشرية بل نحن اولى منهم في الرياسة والنسب والحسب وانواع الفضائل والكمالات ومن اين يؤتى لهم ولم يؤت إلينا قل لهم يا أكمل الرسل الوحى والإيتاء بيد الله يؤتى من يشاء ما يشاء ويمنع ممن يشاء إذ اللَّهِ المدبر الحكيم أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ إذ لا عبرة عنده سبحانه بالرياسة والنسب بل قد تفضل على من تفضل من عباده بلا التفات منه سبحانه الى حسبه ونسبه بل يعطى سبحانه ما يعطى لمن يعطى حسب استعداده وقابليته المقدرة عنده سبحانه في سابق علمه ولوح قضائه وبالجملة لا تحزن يا أكمل الرسل عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ويقولون أولئك الماكرون المفرطون المسرفون واعلم انه سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا مغرورين على رئاستهم وجاههم ونسبهم ومالهم وينزل عليهم صَغارٌ مذلة وهوان عِنْدَ اللَّهِ المتعزز برداء المجد والجلال حين إحضارهم للحساب والجزاء وَبعد كشف حالهم وحسابهم لهم عَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ وإذا كان الأمر بيد الله والشأن من عنده وحسب ارادته واختياره
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ المعز الهادي أَنْ يَهْدِيَهُ الى توحيده يَشْرَحْ صَدْرَهُ اى يفتحه ويوسعه لِلْإِسْلامِ اى التفويض والاستسلام وكمال الطاعة والانقياد الى حيث قد رضى لعموم ما قضى عليه المولى وبعد ما رضى بالقضاء فقد وسع الحق فيه فيستولى عليه فيفنيه عن هويته ويبقيه ببقائه السرمدي وَمَنْ يُرِدْ الله بمقتضى قهره وجلاله أَنْ يُضِلَّهُ عن فضاء توحيده وصفاء تجريده يَجْعَلْ الله صَدْرَهُ الذي من شأنه ان يسع الحق فيه ضَيِّقاً ضنكا حَرَجاً في غاية الضيق والقساوة باستيلاء لوازم الإمكان عليه بحيث قد ضاقت الأرض عليه من إلمام لوازم الإمكان فيتمنى الصعود الى عالم الأسباب من غاية اضطراره وتشتت باله واختلال حاله فصار كَأَنَّما يَصَّعَّدُ ويطلب الصعود فِي السَّماءِ من غاية اضطراره واحتياجه وهذا مثل يضرب لمن ضاق عليه طرق معاشه كَذلِكَ اى كحال من اضطر الى الصعود نحو السماء من إلمام لوازم الإمكان عليه يَجْعَلُ اللَّهُ المنتقم الغيور الرِّجْسَ اى خذلان الإمكان وخجل الحرمان في النشأة الاخرى عَلَى القوم الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بتوحيد الله وبسعة لطفه وجوده
وَهذا اى ما أنزلناه إليك يا أكمل الرسل من القرآن المبين لطريق المعرفة والايمان صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً لا عوج فيه أصلا موصلا الى توحيده الذاتي قَدْ فَصَّلْنَا وأوضحنا فيما أنزلناه إليك الْآياتِ الدالة على وحدة ذاتنا لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ يتعظون بها ويتذكرون منها الى مبدئهم الذي قد نشئوا منه وظهروا عنه الا وهو الوحدة الذاتية الإلهية التي هي عبارة عن الوجود المطلق الخالص عن مطلق القيود والحدود
وبالجملة لَهُمْ دارُ السَّلامِ اى مقام التفويض والاستسلام عِنْدَ رَبِّهِمْ بعد ما تحققوا بتوحيده وَهُوَ سبحانه بذاته وَلِيُّهُمْ ومولى أمورهم بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اى بجميع ما كانوا يعملون من الأعمال والنيات فيها وجميع الحركات والسكنات الواقعة منهم في صدورها إذ هو سبحانه قد صار سمعهم وبصرهم ويدهم ورجلهم وعموم جوارحهم التي صدرت عنها أعمالهم وأفعالهم على ما نطق به الحديث القدسي صلوات الله على قائله
وَاذكر يا أكمل الرسل يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ

اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست